I believe in one thing only, the power of human will.

Let's live our only one life peacefully...lose this Heresies... free your selves ...there is no life after death .......
My MOTHER NATURE please forgive them!!!!!

Search This Blog

Tuesday, June 29, 2010

هل محمد هو آريوس؟

لمن لا يعرف من هو آريوس .. فهو مؤسس المذهب المسيحي الآريوسي الذي يتمرد عن المسيحية التقليدية و يدعي أن عيسى هو كلمة الله فقط وأنه رسول الله .. وبكلامه هذا كان يخالف جميع المعتقدات المسيحية المعروفة والتي تقول بأن عيسى هو ابن الله ..
ويوجد عنه بحث منهجي جميل على هذا الرابط

هذا الرابط يتكلم باختصار شديد عن باحث درس التاريخ المسيحي والكنائس والمخطوطات فوجد أن هناك 297 سنة وهمية شبحية في التقويم الميلادي تقريباً ما بين 911 م - 614 م ، أي ليس لها وجود .. بمعنى آخر 297 سنة إضافية على التقويم الميلادي .. أي أننا لا نعيش اليوم تاريخ 2009 بل تاريخنا اليوم هو 2009 - 297 = 1712 م !!

وبعدها جاء باحث آخر فلاحظ ملاحظة مهمة جداً تفيد بأن الفرق الزمني بين مؤتمر نيقييا الكنسي الأول (325م ) الذي أسُست بموجبه كنيسة الدولة، وبين عام الهجرة الإسلامي الأول (622م) يساوي الزمن الشبحي ويبلغ بالتمام والكمال 297 سنة !!
بمعنى آخر أن هجرة النبي و مؤتمر نيقييا حدثا في وقت واحد وفي نفس السنة !!
* نلاحظ أن السنة الإفتراضية التي وضعها الباحث الأول قريبة جداً من تاريخ هجرة النبي ..

فقام الباحث بالربط بين الهجرة النبوية وبين آريوس كما يلي:
1- بدأ آريوس الدعوة للعقيدة الآريوسية عام 313 م .. وبدأ محمد الدعوة للإسلام عام 610 .. والفرق بينهما 297 سنة !!
2- مؤتمر نيقييا ونفي آريوس عند رفض إدعاءاته 325 م .. مؤتمر قريش لقتل محمد بضربة رجل واحد تلاها هجرته 622 .. والفرق بينهما 297 سنة !!
3- العجيب أن وفاة آريوس (مقتله) حدثت عام 336م ووفاة محمد (مقتله) عام 632؟؟ الفرق يقترب من 297 سنة !!


لوهلة اعتقدت بأن محمد هو آريوس ، فالتشابه كبير جداً في الأحداث في تاريخهما ، و أساس معتقدهما واحد (وحدانية الله و بشرية عيسى) ، وبحذف الـ297 سنة الوهمية في التقويم الميلادي سنجد أن محمد و آريوس متفقان في جميع الأحداث بنفس التواريخ .. ولكن ماذا عن عمرهما؟ هل هما في نفس العمر؟
عمر آريوس عندما مات 80 سنة .. وعمر محمد عندما مات 63 سنة
مات آريوس في تاريخ 336 م .. ومات محمد في تاريخ 632 م
وُلد آريوس في تاريخ 256 م .. و وُلد محمد في تاريخ ............ لحظة !!
هناك شكوك كبيرة في تاريخ ولادة محمد ..

تقول الروايات الإسلامية بأن محمد ولد في عام الفيل .. هذا العام الذي هاجم فيه أبرهة الكعبة لهدمها ولكن الله سلّط عليه طيراً أبابيل لهزيمته هو وجيشه ..
ولكن كما هو معلوم بأن هجوم أبرهة على مكة كان قبل موعد ولادة النبي بسنين طويلة بحسب المخطوطات التي تم العثور عليها .. مما ينفي تزامن قصة أبرهة مع محمد ..
لكنني سألت نفسي .. لماذا إذاً كانت المحاولة لربط قصة أبرهة مع ولادة النبي محمد؟ ولماذا هذه القصة مقدسة ولا يمكن تكذيبها بأي حال من الأحوال؟
ماذا لو كانت الرواية صحيحة وأن محمداً كان قد ولد فعلاً في سنة هجوم أبرهة؟

بالنظر إلى المخطوطات التاريخية .. سنجد أن أبرهة قد مات في وقت ما في تاريخ 553 م ..
لو كان النبي قد ولد في سنة وفاة أبرهة ، فهذا يعني أن النبي قد وُلد في تاريخ 553 م .. أي قبل 17 سنة من تاريخ ولادته المذكور في الروايات !!
وإذا كان فعلاً قد وُلد في تاريخ 553 .. فكم سيكون عمره عند وفاته؟
632 - 553 = 79 سنة .. أو بحسبة أخرى: الروايات تذكر بأن محمد قد مات وعمره 63 سنة .. إذاً أضف إليها الـ17 سنة فيصير عمره 80 سنة ..

إذاً النبي مات وعمره 79 سنة أو 80 سنة .. وآريوس مات وعمره 80 سنة !!!!!!!

هذا كلام في منتهى الخطورة ..
دعونا الآن نسترجع الأحداث مرة أخرى معتمدين تاريخ ولادة محمد 553 م:
1- بدأ آريوس الدعوة إلى عقيدته الآريوسية عام 313 م وكان عمره 57 سنة .. وبدأ محمد الدعوة في مكة عام 610 وكان عمره 40 + 17 = 57 سنة !!
2- ونفي آريوس بعد مؤتمر نيقييا عند رفض إدعاءاته 325 م وكان عمره 69 سنة .. هجرة محمد بعد مؤتمر قريش واتفاق قتله بضربة رجل واحد بعد رفض إدعاءاته 622 م وكان عمره 53 + 17 = 69 سنة!!
3- وفاة آريوس (مقتله) حدثت عام 336م وكان عمره 80 .. ووفاة محمد (مقتله) عام 632 وكان عمره 63 + 17 = 80!!

ماذا تقول السيرة النبوية عن صلح الحديبية؟
السيرة النبوية تقول بأن النبي ذهب معتمراً في أواخر شوال من العام السادس للهجرة .. ولكنه لم يعتمر .. وتم الصلح مع قريش مع توقيع هدنة .. والاتفاق بعودة محمد إلى مكة في العام المقبل لأداء العمرة ..

إذاً، في أواخر شوال من العام السادس للهجرة .. الموافق سنة 628 م حدث صلح الحديبية بين محمد وقريش ..

ولكن كما أشرت في موضوعي السابق بأن هناك 297 سنة وهمية شبحية ليس لها وجود والتي اكتشفها المؤرخ إليغ ..

فعند حذف هذه الـ297 سنة سنكون في تاريخ 628 - 297 = 331م .. إذاً صلح الحديبية بين محمد وقريش حدث في سنة 331م ..
والغريب أن هذا التاريخ يوافق صلح آريوس مع الكسندر والسماح لآريوس بالعودة إليه 331م !!


والآن لنعود إلى السيرة النبوية ..
فالنبي محمد تم وعده في صلح الحديبية بالعودة إلى مكة مرة أخرى في السنة القادمة بعد التقدم بصيغة توافقية لقريش .. وهذا يذكرنا بوعد ألكسندر لآريوس بالعودة إلى الكنيسة سنة 334م بعد ان تقدم بصيغة توافقية للامبراطور!! المصدر

ولكن اتفاق محمد مع قريش حدث في سنة 628م كما أشرت سابقاً .. أي في سنة 331م بعد إزالة الـ297 سنة الوهمية .. ووعد أريوس بالعودة كان في سنة 334م .. فالتاريخان ليسا متطابقين .. وهذا يدعونا حقيقة للتوقف قليلاً والرجوع إلى أحداث التاريخ بناءً على ما تقوله السيرة النبوية للتحقق من صحة الرواية ..

ثبت في الصحيحين أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد كتب إلى هرقل مع دحية بن خليفة الكلبي يدعوه إلى الإسلام. وذلك في مدة هدنة الحديبية ، وهو النص الثاني الذي ثبتت صحته وفق شروط المحدثين من بين سائر نصوص الكتب التي وجهت إلى الزعماء ، ونصه : ( بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم. سلام على من اتبع الهدى ، أما بعد ، فإني أدعوك بدعاية الإسلام ، أسلم تسلم ، وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين. فإن توليت فعليك إثم الأريسيين. ( قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا. ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون).
المصادر كثيرة وهذه إحداها ، وجميع المراجع الإسلامية التي وجدتها ترى بأن الأريسيين تعني الفلاحين أو الأريوسيين!!

نلاحظ قول النبي في رسالته "فعليك إثم الأريسيين" .. فالتساؤل البديهي سيكون: هل كان محمداً يعرف آريوس؟
وبالطبع فإن الجواب هو نعم يعرفه لأنه ذكر اسمه في رسالته لهرقل بالإسم ..
ولكن نظراً لوجود الترابط العجيب بين الشخصيتين في أحداث حياتهما كما بينت لكم من خلال بحثي السابق عن آريوس ومحمد .. فإنني أذهب إلى احتمال أن وجود محمد كان قد تزامن مع وجود آريوس .. أو احتمال أن محمداً هو آريوس نفسه ..

فإن كان محمد هو نفسه آريوس .. فإن مقولته تلك (عليك إثم الأريسيين) قد تعني بأنه عليه إثم قومه الآريوسيين الذين اتّبعوه ..

ولكن إن كانا شخصيتين مختلفتين متزامنتين في وقت واحد وهذا ما أرجحه .. فهذا يجعلني أقول أن كلمته تلك (عليك إثم الأريسيين) كانت دفاعاً عن آريوس ووقوفاً في صفّه .. وقد يكونا تقابلا ويعرفان بعضهما البعض شخصياً .. ومن خلال اجتماعات محمد بآريوس أخذ محمد منه فكرة أن عيسى المسيح هو رسول الله وليس ابن الله .. وبذلك خرج محمد عن تعاليم معلّمه بحيرة الراهب .. وربما كانت لقاءات محمد وآريوس في الشام نظراً لسفرات محمد المريبة إليها ..

والغريب كذلك هو موقف هرقل السلبي الذي لم يفعل شيئاً حيال هذه الرسالة .. بل كاد أن يسلم لولا خوفه من بطش الروم عليه ..بل تبع ذلك الرضا عن آريوس وإرجاعه إلى الكنيسة كما تقول كتب التاريخ .. أي بمعنى آخر ، استجابة هرقل لرسالة محمد حتى لا يكون عليه إثم الآريوسيين!!

في الرسالة توجد آية قرآنية وهي: (( قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا. ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون)) ..
والآن لننظر إلى تاريخ نزول هذه الآية من سورة آل عمران مع تاريخ نزول السورة التي هي فيها ..
تاريخ نزول هذه الآية حسب الرواية هو في السنة السادسة أو السابعة .. أي في نفس تاريخ إرسال الرسالة لهرقل ..
ولكن تاريخ نزول سورة آل عمران كان بعد عام الوفود عندما جاء وفد نجران النصراني إلى محمد .. وكان ذلك في السنة التاسعة للهجرة!!!

إذاً فالسؤال الذي يطرح نفسه الآن .. بما أن سورة آل عمران قد نزلت في السنة التاسعة للهجرة ، ألا يعني هذا بأن رسالة محمد إلى هرقل كانت كذلك في السنة التاسعة للهجرة؟!!

وبحسبة صغيرة استناداً على أن الرسالة كانت في السنة التاسعة للهجرة سنجد أنها توافق سنة 631م .. وبإزالة السنوات الشبحية 631 - 297 = 334م !!!
إذاً وعد قريش لمحمد بالعودة إلى مكة مرة أخرى بعد وثيقة صلح الحديبية كان في سنة 334م .. وهو يوافق الوعد لآريوس بالعودة إلى الكنيسة بعد أن تقدم بصيغة توافقية للامبراطور سنة 334م !!!


أخيراً ..

أنا أرى بأن الدمج بين الشخصيتين كبير جداً .. فمحمد في رأيي هو شخصية حقيقية موجودة .. ولكن أحداث قصته ليست بحقيقية ، بل هي مقتبسة من آريوس ومنسوبة كذباً إليه .. فكما تقول الأبحاث أن آريوس مات مسموماً .. كما هو الحال مع النبي محمد حيث أنه مات مسموماً كذلك!!

ولا يستبعد كذلك وجود شخصيات أخرى مشتركة في تكوين محمد كما نعرفه اليوم ..

( منقول من الزميل محتار - موقع الملحدين العرب ) بتصرف

Tuesday, June 22, 2010

المغالطات المنطقية هي ما يصدر عن شخص أثناء تحاوره مع شخص آخر أو أكثر من شخص في سبيل اثبات وجهة نضره، وتكون غالبا منافية للمنطق أو الأدلة الموجودة.



Ad hominem
أن يقوم الشخص بالرد على المحاور بالإهانة، بعد أن عجز عن ذلك بالمنطق.
مثال: "أنت لن تفهم أبدا لأنك ضيق نظر!". "أنت أحقر من أن تفهم حلاوة الإسلام!"


Argumentum ad ignorantium
هو أن يقوم المحاور بقول أنه إذا لم تستطع إثبات عدم صحة شيء ما، فلا بد أن يكون صحيحا.
مثال: "لا يوجد أدلة قطعية على عدم وجود إله، لهذا الإله موجود." بينما أن الأدلة تكون على عاتق من يدعي وجود الشيء.


Argumentum ad novitatem
هو ادعاء أن شيئا ما أفضل أو أصح لأنه جديد.
مثال: "محمد آخر الأنبياء، لهذا الإسلام حق".


No True Scotsman
الجزم بأن انتماء الشخص الى طائفة أو قوم أو مذهب يحدده أشياء غير ما هو متعارف عليه.
مثال: "كل المصريين يحبون الملوخية، أنت لست مصري حقيقي لأنك لا تحب الملوخية". "أنت لم تكن مسلما حقيقيا قبل إلحادك، فالمسلم الحقيقي لا يغير دينه."
مع احترامي الكبير للشعب المصري باي


Argument from Personal Incredulity
وهو أن يقوم المحاور بنفي صحة شيء ما لعدم مقدرته على فهمه.
مثال: "أنا لا أستطيع أن أفهم كيف تطور الإنسان من قرد، لهذا نظرية التطور خاطئة".


Confusing currently unexplained with unexplainable
وهو أن عدم معرفتنا بشيء ما لا يعني أن لا يوجد له تفسير إطلاقا أو أن يستحيل تفسيره، وأنه الحل الوحيد هو أن نلجأ إلى تفسير آخر غير منطقي (أشياء خارقة للطبيعة).
مثال: "الانفجار الكبير يفسر وجود الكون. ولكن العلماء لا يعرفون ما قبل الإنفجار الكبير، لذلك الله هو التفسير الوحيد لوجود هذا الكون."


Reductio ad absurdum
هذه لها شرح معقد بعض الشيء سأكتفي بالمثال.
مثال: "أنت تقول أنك لا تؤمن بالله لأنك لا تراه، هل رأيت عقلك؟ إذن أنت بلا عقل". وهنا تجاهل للأدلة التي لا تقتصر على النظر المباشر.


Argumentum ad populum
ادعاء بصحة شيء ما لأن عدد كبير من الناس يصدقونه أو يؤمنون به.
مثال: "هناك أكثر من مليار مسلم، لا يمكن أن يكونوا كلهم على خطأ". "هناك أكثر من ملياري مسيحي، لا يمكن أن يكونوا كلهم على خطأ".


Circular Logic
المنطق الدائري، وهو اثبات الشيء بالشيء نفسه.
مثال: "القرآن من عند الله لأنه مكتوب في القرآن أنه من عند الله، ولا يمكن أن يكون القرآن خطأ لأنه كلام الله."


Plurium interrogationum
المطالبة بتفسير بسيط لسؤال معقد.
مثال: "إذا لم يكن الله هو خالق هذا الكون، فكيف نشأ الكون؟"

Bifurcation
وهو نفي وجود أكثر من تفسيرين لشيء ما.
مثال: "نظرية التطور غير كافية لتفسير التفاوت الهائل في المخلوقات بشكل دقيق*، لذلك الله هو المسؤول عن التفاوت في المخلوقات."

Tu Quoque
وهو تبرير وجود أخطاء في شيء ما بحجة أن أشياء أخرى فيها ذلك الخطأ.
مثال: كتبرير للرجم في الإسلام "الإسلام ليس الدين الوحيد الذي يأمر برجم الزاني، حتى المسيحيين واليهود عندهم الرجم."






Tuesday, April 20, 2010

تأملات في القرآن المكي 1-4

حسب ما يقول المفسرون فإن القرآن قد كُتب في اللوح المحفوظ قبل أن يخلق الله العالم، ثم أنزل هذا القرآن على محمد في القرن السابع الميلادي، وأنزله منجماً، في شكل آيتين أو ثلاثة مع بعض. فإذا كان هذا هو الحال، فيجب أن يكون القرآن مكتملاً من كل الوجوه اللغوية والتاريخية والتشريعية. وكان يجب أن تنزل سوره بالترتيب المكتوب به في اللوح المحفوظ. ولكن، حسب ما تخبرنا كتب التراث، فإن محمداً كان عندما يخبر أتباعه بآية جديدة، يقول لهم ضعوها في السورة التي تُذكر فيها البقرة، مثلاً. ونستنج من هذا أن الله لم يخبر محمداً بأسماء السور، وبالتالي لم يكن للسور أسماء في اللوح المحفوظ. وبالتالي لا يمكن أن نعرف إذا كان عدد آيات سورة البقرة، مثلاً، في المصحف هو نفس عدد آياتها في اللوح المحفوظ لأن سورة البقرة نزلت على مدى ست سنوات، وفي هذا الأثناء كانت تنزل آيات أخرى يضعها محمد في سور أخرى. فهناك ارتباك شديد في محتوى وترتيب سور القرآن. وزاد من هذا الارتباك أن زيد بن ثابت عندما جمع القرآان، لم يتبع نزول السور بالتسلسل التاريخي، وإنما كتبها حسب طولها، فزاد هذا من الاضطراب الذي يعاني منه القرآن.
فإذا درسنا القرآن حسب ترتيب النزول، نجد أن الغالبية العظمى من السور نزلت بمكة، عندما كان محمد ما زال في طور التلميذ للقس ورقة بن نوفل وللراهب بحيرة وغيرهم من الأرقاء الأحباش المسيحيين. ولذلك جاءت السور المكية قصيرة مضطربة في معانيها وفي الحقائق التاريخية، وأغلبها عبارة عن قصص عن الأمم السابقة ورسلها. فلنبدأ بأول سورة نزلت في مكة، وهي سورة "العلق". تقول السورة إياها: (إقرأ باسم ربك الذي خلق. خلق الإنسان من علق. أقرأ وربك الأكرم. الذي علّم بالقلم. علّم الإنسان ما لم يعلم. كلا إن الإنسان ليطغى. إن رءاه استغنى. إنّ إلى ربك الرّجعى. أرأيت الذي ينهى. عبداً إذا صلى. أرأيت إن كان على الهدى. أو أمر بالقوى. أرأيت إن كذّب وتولى. ألم يعلم بأن الله يرى. كلا لئن لم ينته لنسفعا بالناصية. ناصية كاذبة خاطئة. فليدع ناديه. سندعُ الزبانية. كلا لا تطعه واسجد واقترب).
هل كان الإله يخاطب محمداً أم يخاطبُ شخصاً آخراً. فمحمد، كما يُجمع مؤرخو الإسلام، كان أمياً لا يقرأ ولا يكتب. فكيف يقول له الإله إقرأ، وماذا يقرأ إذا كانت هذه أول سورة نزلت عليه ولم تكن مكتوبة حتى يقرؤها، بل رتلها له جبريل؟ والقرآن نفسه يقول له فيما بعد: (ما كنت تتلو من قبله من كتابٍ ولا تخطه بيمينك إذاً لارتاب المبطلون) (العنكبوت 48). فاستعمال كلمة "أقرأ" هنا استعمال خاطيء لأن الإنسان يقرأ الكلمات المكتوبة، وجبريل لم يحضر لمحمد صحيفة مكتوبة حتى يقول له "إقرأ". ثم تستمر السورة فتقول (خلق الإنسان من علق). وفي الأديان الثلاثة فإن آدم هو أول إنسان خلقه رب السماء، وخلقه من تراب، فكان الأولى به أن يقول: "خلق الإنسان من تراب" ولكن السجع فرض عليه كلمة "علق". وهو في الحقيقة لم يخلقه من علق لأن العلقة مرحلة متأخرة من مراحل تكوين الجنين، الذي يُخلق من نطفة، ثم مضغةٍ، ثم علقه، كما يقول القرآن في آيات لاحقة. وعليه لا يمكن أن يكون الإنسان قد خُلق من علق، فمن أين أتى العلق؟
(إقرأ وربك الأكرم الذي علّم بالقلم). ما معنى (الذي علّم بالقلم)؟ هل تعلم الإنسان كل شيء بالقلم؟ نحن نعرف أن الإنسان في مسيرته الحضارية تعلم أن يميز بين الثمار السامة وتلك التي يمكن أكلها من تجاربه المريرة عندما شاهد بعض أفراد القبيلة يموتون بعد أن أكلوا نواعاً معينة من الثمار، وعلّم الإنسان أبناءه وأحفاده تلك المعلومات عن طريق الكلام ، قبل أن يتعلم الكتابة؟ ثم أن الإنسان تعلم الزراعة وتدجين الحيوانات والصيد والغناء والموسيقى قبل أن يخترع الكتابة أو القلم. فتعليم الإنسان لم يكن بالقلم الذي جاء في نهاية مراحل تطور الإنسان. الآية التالية تقول (علّم الإنسان ما لم يعلم). والمنطق يخبرنا أن الإنسان إذا كان يعلم شيئاً فأنت لا تُعلّمه ذلك الشيء، وبالتالي تكون كلمة "علّم" بالضرورة تعني أنك تُعلّم الإنسان ما لا يعلم، وإلا لما احتاج لأن تُعلّمه. وبالتالي تكون الآية (علم الإنسان ما لم يعلم) آية زائدة لا معنى لها. ثم يقول له (أرأيت الذي ينهى عبداً إذا صلى). وهذه أول سورة "نزلت" على محمد، ولم يكن وقتها قد عرف الصلاة التي لم تُفرض إلا في العام العاشر من بدء الرسالة. يقول ابن حجر العسقلاني (لم يكن قبل الإسراء صلاة مفروضة لا عليه ولا على أمته إلا ما كان يفعله الرسول من التهجد أثناء الليل) (السيرة الحلبية 1/302، نقلاً عن جواد علي: تاريخ الصلاة). وكلمة "التهجد" تعني ترتيل آيات القرآن والدعاء، فكيف نهى هذا الشخص محمداً من أن يصلي ومحمد لم يكن قد تعلم الصلاة الإسلامية بعد، والصلاة لم تكن قد فُرضت عليه؟ ثم يقول له (كلا لئن لم ينته لنسفعاً بالناصية). فمن الناحية اللغوية، كلمة نسفع كلمة غريبة على العرب، وقد حاول المفسرون جعلها من اللغة فقال القرطبي (العرب تقول سفعت بالشيء إذا قبضت عليه وجذبته بقوة). فحتى لو كان هذا القول صحيحاً، لماذا اختار رب محمد استعمال غريب اللغة وكان بإمكانه أن يقول (لناخذنه بالناصية)؟ فمحمد، لا شك، كان متأثراً بما كان يسمعه من الكهان الذين كانوا بستعملون غريب الكلام لإيهام السامع بقدرتهم على الاتصال بالسماء وتلقي الكلام من الجن. وبالنسبة للإملاء وللنحو كان يجب أن يقول "لنسفعن" للتوكيد، ولكنه قال (لنسفا). فيبدو أن جبريل أو محمد أو من نسخ الآية، لا يعرف الهجاء الصحيح.
ثم يستمر فيقول (ليدعُ ناديه سندعُ الزبانية). فالله هنا قد نزل إلى مستوى العصابات ولجأ إلى البلطجية. فهو يقول لمحمد: فليدعُ هذا الشخص أصحابه ليتقوى بهم وسوف ندعُ نحن الزبانية. هل يحتاج الله إلى الزبانية ليقاتل هذا الشخص؟ ثم إذا كانت هذه أول سورة "أنزلها" على محمد، ومحمد لم يكن وقتها قد أعلن نبوته ولم يكن قد دعا قريشاً إلى التوحيد، فمن هو هذا الشخص الذي منعه صلاته وأضطر الله إلى أن يلجأ إلى استدعاء الزبانية؟ هل سبق القرآن الأحداث فأنزل الله هذه السورة أولاً وكان ينوي إنزال سور أخرى قبلها، أم أن الله علم أن أبا جهل بن هشام سوف يعادي محمداً فأخبره بهذه العداوة قبل أن تحدث؟ وإذا كان الرأي الأخير هو الصواب، فما هي الحكمة أو الفائدة من إخبار محمد في أول سورة أن أبا جهل سوف يعادية؟ فإخباره بهذه العداوة لم يمنع حدوثها. وفي آخر آية في هذه السورة يقول له: (كلا لا تطعه واسجد واقترب). فهل كان محمد وقتها يعرف السجود، والصلاة لم تكن قد فُرضت عليهم ولم يكن جبريل قد علمه شيئاً بعد؟
فأول سورة من القرآن نزلت على محمد لم تخبره شيئاً عن الله الذي اختاره رسولاً، ولم تخبره ما هي رسالته، وإلى من يوجهها، إنما تحدثت له عن الصلاة والسجود وعداوة أبي لهب. هل كانت هذه أفضل طريقة يُعرّف الله بها نفسه إلى محمد الذي خاف من جبريل وظن أنه قد مسه الجنون؟
السورة الثانية التي أتت بمكة كانت سورة "القلم" التي تقول: (ن والقلمِ ومايسطرون. ما أنت بنعمة ربك بمجنون. وإنّ لك لأجراً غير ممنون. وإنك لعلى خُلق عظيم. فستبصر ويبصرون. بأييكم المفتون. إنّ ربك هو أعلم بمن ضلّ عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين. فلا تطع المكذبين. ودوا لو تُدهن فيدهنون. ولا تطع كل حلاف مهين. هماز مشاء بنميم. إن كان ذا مالٍ وبنين. إذا تُتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين. سنسمه على الخرطوم.)
تخيل محمد بعد أن جاءه جبريل بالسورة الأولى فخاف وارتجف وظن أن الشيطان قد مسه بالجنون، وذهب إلى خديجة لتطمئنه، وبعد فترة رجع إلى غار حراء، فجاءه جبريل ليقول له: (ن والقلم وما يسطرون). ما معنى نون؟ ثم مرة أخرى يقول له: (القلم ومايسطرون). ما علاقة محمد بالقلم حتى يكررها له جبريل في سورتين متتاليتين. ومن هم الذين يسطرون؟ لا بد أن هذه الآيات كانت طلاسماً بالنسبة لرسول جديد اختاره رب السماء لينشر كلمته ويُعرّف الناس به. فإذا كان الله مغرماً بالقلم إلى هذا الحد، لماذا اختار رسولاً أمياً لا يعرف القلم؟ وتسلسل الأحداث فيه ارتباك واضح. محمد هو الذي اعتقد أنه قد مسه الجنون حين رأى جبريل لأول مرة وأراد أن يقتل نفسه وقال "لا تتحدث عني بها قريش". فقال له الله (ما أنت بنعمة ربك بمجنون). إلى هنا والأمر معقول، ولكن القرآن يقول له (فستبصر ويبصرون بأيكم المفتون). فمحمد حتى تلك اللحظة لم يكن قد اقتنع بأنه رسول، ولم يخبر قريشاً بدعوته الجديدة، وبالتالي لم يقل أحد إنه مجنون، فلماذا يقول له القرآن (فستبصر ويبصرون أيكم المفتون)؟ والآية التالية أكثر غموضاً (إنّ ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين). فمحمد، كما قلنا، لم يكن حتى تلك اللحظة قد أبلغ أحداً برسالته، فلماذا استباق الأحداث والكلام عن من يتبع السبيل وعن من يضل؟ أما كان الأقضل أن يقدم الله نفسه لرسوله ويخبره ما هو الله وما صفاته وما هو المطلوب من محمد أن يُبلّغه للناس؟
وتستمر سورة القلم، ويقول الله لمحمد: (فلا تطع المكذبين. ودوا لو تُدهن فيدهنون). لماذا الحديث عن المكذبين وهو لم يكن قد تحدث إليهم حتى يعرف إن كانت قريش سوف تصدقه أم لا. ومرة أخرى يستعمل القرآن المبهم من الكلام، فكلمة يدهنون كلمة غريبة في سياق الآية، ولم يفهمها المعاصرون ولذلك أتى المفسرون باثني عشر تفسيراً لها، من الكذب إلى اللين على الأعداء إلى الاعتراف ببعض آلهة قريش. فهل هذه بداية موفقة لرسالة من المفروض فيها أنها لكل البشر، في حين أن أهل اللغة العربية لم يفهموها، وحتى الرسول الجديد نفسه لم يفهم المقصود ب "ن"؟ وفي رأيي أن محمداً أتى بهذا النون في بداية السورة ليوهم السامع بأن القرآن ليس من تأليفه وإنما هو من عند الله والدليل على ذلك أن محمداً نفسه لا يعرف معنى "ن".
ثم تستمر السورة، فيقول له الله (لا تطع كل حلاف مهين. هماز مشاء بنميم. مناعٍ للخير معتدٍ أثيم.عُتُلٍ بعد ذلك ذنيم. إن كان ذا مالٍ وبنين. إذا تُتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين. سنسمه على الخرظوم). هل هذا رب السماء يتحدث إلى محمد، أم محمد نفسه يتحدث عن شخصٍ ذي مال يبغضه ويتخيل أنه سوف يعاديه ويسفه أقواله؟ هذه لغة لا تليق برب السماء الذي يستطيع أن يسحق هذا الشخص في رمشة عين. لماذا كل هذا الردح والشتم والتهديد بأن يكويه يوم القيامة أو يضع علامة على أنفه. لماذا لا يرسل رب السماء صاعقة تقتله وينتهي منه، وهو كان قد قرر أن هذا الشخص لن يسلم وسوف يعاند رسوله، ولذلك أقسم أن يسمه يوم القيامة على الخرطوم. وما هي أهمية هذه العلامة على الأنف يوم القيامة والناس مشغولون بأنفسهم لدرجة أن الإنسان منهم يفر من أمه وأبيه وصاحبته التي تؤويه، ويوم تذهل المرضعة عما أرضعت. فهل سوف يلاحظ وقتها أي إنسان أن أبا جهل أو أبا لهب موسوم على خرطومه؟ هل كان أبو جهل بهذه الأهمية بحيث يتحدث عنه الله في ثاني سورة "ينزلها" على رسوله الجديد، قبل أن يقدم نفسه لرسوله ويشرح له الرسالة المطلوب منه توصيلها؟
وتستمر السورة، فيقول الله (إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين. ولا يستثنون. فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون. فأصبحت كالصريم. فتنادوا مصبحين. أن اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين. فانطلقوا وهم يتخافتون. أن لا يدخلها اليوم عليكم مسكين. وغدوا على حرد قادرين. فلما راءوها قالوا إنا لضالون. بل نحن محرومون. قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبّحون. قالوا سبحان ربنا إنا كنا ظالمين).
محمد لم يكن بعد قد عرف رسالته أو حتى تأكد له أنه رسول، وهاهو الله يخبره عن أصحاب الحديقة الذين أقسموا ألا يدخل حديقتهم مسكين، فأحرقها الله ليلاً وهم نائمون. وفي الصباح عندما تبين لهم ما حدث، لاموا أنفسهم لأنهم كانوا ضالين، فآمنوا بالله. منتهى السذاجة في المنطق والسرد. لو كانت هذه حديقتي وأحرقها الله ليلاً لأني قلت لن أسمح لمسكين بدخولها، لكفرت به عشرات المرات بدل أن أؤمن به. ولماذا أحرقها الله ليلاً وهم نائمون إذا كان الغرض هو إقناعهم بوجود الله. لماذا لم يحرقها نهاراً وهم ينظرون حتى يقتنعوا بالمعجزة هذه؟ إنها نفس قصة الإسراء الذي حدث ليلاً والناس نيام. ونفس قصة قوم لوط الذين خسف بهم الأرض وهم نائمون. كل معجزاته تحدث ليلاً حتى لا يراها الناس ومع ذلك يؤمنون بها.
ويبدو أن الله قد حكم على كل من لا يتبع محمد بأنه مجرم، ولم ينتظر حتى يوم القيامة ليحاسب الناس ويحكم عليهم بأعمالهم. فيقول في نفس السورة: (إنّ للمتقين عند ربهم جناتٍ ونعيم. أفنجعل المسلمين كالمجرمين. مالكم كيف تحكمون. أم لكم كتاب فيه تدرسون. إنّ لكم فيه لما تخيرون. أم لكم أيمانٌ علينا بالغة إلى يوم القيامة أن لكم بما تحكمون).
في ثاني سورة "تنزل" على محمد، يُقسّم ربه الناس إلى مسلمين ومجرمين، حتى قبل أن يعرف محمد نفسه ما هو الإسلام. فالذي لا يتبع محمداً ويصبح مسلماً يجعله رب الإسلام مجرماً. فهل نلوم المسلمين الذين قسموا العالم إلى فسطاط الحرب وفسطاط الإسلام، إذا كان ربهم قد قسّم الناس إلى مسلم ومجرم؟ ويبدو لي أن كاتب القرآن كانت لديه عقدة نفسية من القلم والكتابة. فهو قد ذكر القلم مرتين، وهاهو يذكر الكتاب الذي فيه يدرسون قبل أن يشرح لمحمد أبجديات رسالته.
ثم يستمر فيقول: (أم لهم شركاء فليأتوا بشركائهم إن كانوا صادقين. يوم يُكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون. خاشعةٌ أبصارهم تُرهقهم ذلةٌ وقد كانوا يُدعون إلى السجود وهم سالمون. فذرني ومن يكذب بهذا الحديث. سنستدرجهم من حيث لا يعلمون. وأملي لهم أن كيدي متين).
هذا سيناريو مخيف لا شك في ذلك. يوم يكشف الله عن ساقه ويدعو الكافرين للسجود فلا يستطيعون، ربما لأن مفاصلهم أصبحت متصلبة لا تنحني، ونراهم خاشعين وترهقهم الذلة لأنهم كانوا يُدعون إلى السجود في الدنيا فيرفضون. ثم يقول الله لمحمد: اتركني مع من يكذب بهذا الحديث المنزل إليك، فسوف أستدرجهم من حيث لا يعلمون لأن كيدي متين.
هل هذه لغة وهل هذه صفات تليق برب السماء الذي يقول في بعض آيات القرآن (أدعو إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة)؟ هل التهديد بهذا العذاب السادي واستدراج الناس إليه بالكيد والمكر يعتبر حكمة وموعظة حسنة؟ ولماذا كل هذا التهديد، ومحمد لم يكن بعد قد بدأ بدعوة الناس إلى الإيمان بالله؟
وفي آخر السورة يقول الله لرسوله: (وإن يكاد الذين كفروا ليزلقوك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون. وما هو إلا ذكرٌ للعالمين). فإذا كانت هذه ثاني سورة "تنزل" على محمد الذي لم يكن بعد قد تأكد من نبوته، ولم يكن قد أسلم معه غير خديجة فقط، وكان يدعو بعض معارفه سراً، متى سمع الذين كفروا الذكر ورفضوا أن يؤمنوا به حتى يهددهم رب القرآن بكل أنواع العذاب؟
كنتُ أتوقع أن تكون أول ثلاث أو أربع سور من القرآن تعريفاً لمحمد بربه الجديد، وبالوحدانية الإلهية، ثم تعريف محمد بالشيء الذي يطلب منه ربه توصيله إلى بقية البشر، وكيفية دعوة الناس إلى معرفة الله والإيمان به وحده، ونبذ الأصنام، وكيف يتعامل مع الذين يخالفونه الرأي. ولكن ما حصلنا عليه من أول سورتين "نزلتا" على محمد كان تخبطاً وحديثاً عن القلم والكتابة، وتهديداً للناس حتى قبل أن يسمعوا بالرسالة الجديدة، وقصة في منتهى السذاجة تشرح للناس كيف أن الله يجعل الكافرين يومنوا به بعد أن يحرق حدائقهم ليلاً وهم نائمون.
سوف نتابع بقية السور المكية في الحلقات القادمة، إن شاء العقل وسمح الوقت.

د. كامل النجار

Saturday, February 20, 2010

الرسل والأنبياء مضيعةٌ للوقت- كما يقول القرآن

في البدء عندما انتشر الإسلام في يثرب ثم في مكة بعد الفتح، كان أغلب المسلمين أميين، فانبهروا بآيات القرآن وصدقوا كل ما قاله لهم محمد من قرآن وأحاديث، رغم التناقض الواضح في كثير من آيات القرآن ورغم غياب المنطق منه. وفي النصف الثاني من أيام الدولة الأموية ثم في الدولة العباسية ظهر أفراد وحركات شككوا في القرآن وناقشوا الآيات التي تناقض آيات أخرى، وتحدثوا عن الإرادة الإلهية مقابل الإرادة البشرية، وشكك بعضهم في العدل الإلهي الذي يقرر للناس إيمانهم أو كفرهم ثم يحاسبهم على ما فعلوا. وكانت حركة المعتزلة في مقدمة هذه الحركات التي ناقشت الإرادة والعدل الإلهي، رغم إيمانهم المطلق بالإسلام، فلاقوا العنت والذبح من الخلفاء بإيعاز من رجالات الدين
ولكن الدارس للقرآن دراسة علمية محايدة يجد أن القرآن يقول إن الإنسان لا يعتمد على الرسل والأنبياء ليقرر هل يؤمن أم لا، لأن الله هو الذي يختار للإنسان أن يؤمن أو يكفر. ولذا يصبح إرسال الأنبياء للناس مضيعةً للوقت ما دام الله هو الذي يقرر الإيمان والكفر، وكان بإمكان الله أن يستغني عنهم ويقرر باليانصيب مَنْ من الناس سوف يدخل الجنة ومن منهم سوف يدخل النار . ولو فعل ذلك لوفر على نفسه وعلينا إرسال 124 ألف نبي ورسول، كما يقول التراث الإسلامي. ولإيضاح هذا الافتراض نبدأ أولاً بالآيات المكية عندما كان محمد يحاول إقناع قريش بالمنطق، نجده يقول:
(فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقاً حرجاً كأنما يُصعّد في السماء) (الأنعام 125). فالإيمان هنا ليس عملية بشرية وإنما قدر إلهي. من يشرح الله صدره يسلم ومن يجعل صدره ضيقاً لا يسلم.
ويؤكد القرآن هذه الحقيقة في قوله (ولو أنّنا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قُبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله) (الأنعام 111). فليس هناك من شك أن أي إنسان يرى الملائكة ويكلمه الموتى لا بد له أن يقتنع بنبوة محمد لكنه لا يستطيع أن يؤمن إلا أن يشاء الله، فمشيئته هو بنفسه لا تكفي.
ويزيدنا القرآن توكيداً فيقول لنا (وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون) (يونس 100). فالإنسان، مهما اقتنع بحديث الأنبياء والرسل، يحتاج الإذن من الله لكي يؤمن.
وكذلك (من يشأ الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم) (الأنعام 39). والصراط المستقيم في القرآن يعني الإسلام، والله هو الذي يختاره للعبد.
(من يهد الله فهو المهتدي ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشدا) (الكهف 17). فكيف يهتدي الإنسان وقد أضله الله؟
ويقول القرآن لمحمد (إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدي من يضل) (النحل 37). فرغم حرص محمد على هداية أعمامه وعماته، فإن الله قد أضلهم وأخبر محمد ألا يضيع جهده في محاولة إقناعهم. ولذلك لم يسلم من أعمامه العشرة غير حمزة والعباس (الذي أسلم قبيل فتح مكة) ولم تسلم من عماته الأربع غير واحدة
ثم يخبره مرة أخرى (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء) (القصص 56). فمحمد الذي أرسله الله هدى للناس لا يستطيع أن يهدي أحداً، بل الله يهدي من يشاء، وهو الذي إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون.
(ولو شاء الله لجعلكم أمةً واحدةً ولكن يضل من يشاء ويهدي من يشاء) (النحل 93). فمسألة الإيمان والهداية عبارة عن "لوتري"، الله يقرر من يهتدي ومن يضل.
(إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون) (يونس 96). فواضح أن الله قد قرر مسبقاً أن هناك أعداداً معينة من البشر قد قال فيهم كلمته قبل أن يخلقهم، وما دامت كلمته قد حقت عليهم فلن يؤمنوا حتى إذا أرسل لهم مليون نبي ورسول..
وقال الله عن القرآن (ولكن جعلناه نوراً نهدي به من نشاء من عبادنا) (الشورى 52). فما كل من يسمع القرآن سوف يهتدي به، الله يهدي به من يشاء.
ويقول (ولقد بعثنا في كل أمةٍ رسولا فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة) (النحل 36)
(وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله) (الأعراف 43). فلا إيمان بدون هداية الله. بل يذهب القرآن أبعد من ذلك ويقول إن الله أخرج ذرية آدم كلها من ظهره قبل أن يُخلقوا وأخذ ميثاقهم ليعترفوا له أنه ربهم وليؤمنوا به (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا). ولا نعلم كيف إخذ الله ذرية آدم من ظهور أبنائه أو من ظهره (باعتبار أنهم حيوانات منوية) وجعلهم يشهدون، فالجنين لا يتكون إلا بعد أن يدخل الحيوان المنوي في البويضة ويلقحها. فهؤلاء الذين أخذهم الله من ظهور آبائهم كانوا أنصاف مخلوقات، ومع ذلك شهدوا بأن الله ربهم. وهذه مهمة مستحيلة حتى على الله، فنصف المخلوق لا يمكن أن يوجد، دع عنك نطقه بالشهادة. ولكن رغم هذه الشهادة قرر الله أن الإيمان بالرسل يخضع لمشيئته هو سواء شهد الحيوان المنوي أم لم يشهد
حتى الأنبياء والرسل لم يكن تحمّلهم الرسالات عن اقتناع وإنما بأمر إلهي، فهاهو يونس يقول (وأُمرت أن أكون من المؤمنين) (يونس 104). وما عليه إلا تنفيذ الأمر الإلهي. وربما لعدم اقتناعه بالرسالة قفز من المركب فابتلعه الحوت.
وحتى محمد لم يسلم من تلقاء نفسه وإنما أُمر بذلك (قل إني أُمرتُ أن أكون أول من أسلم ولا تكونن من المشركين) (الأنعام 14). ويؤكد مرة أخرى (إنما أُمرتُ أن أعبد رب هذه البلدة الذي حرّمها وله كل شيء وأُمرتُ أن أكون من المسلمين) (النمل 91). فمحمد كان من المحتمل أن يكون مسيحياً مثل معلمه ورقة بن نوفل، ولكنه أُمر أن يكون من المسلمين، فلا خيار له.
وهاهو شعيب يقول لقومه إنه لا يستطيع الرجوع إلى ملتهم إلا إذا شاء الله ذلك (قد افترينا على الله كذباً إن عدنا في ملتكم بعد أن نجانا الله منها وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله) (الأعراف 89). فشعيب ترك ملة قومه ليس عن اقتناع شخصي ولكن لأن الله نجاه منها، ولن يستطيع أن يغير رأيه ويعود لملة قومه، رغم تهديدهم له، إلا إذا شاء الله ذلك
وهناك من قرر الله أنهم لا يستحقون نعمة الإيمان فختم على قلوبهم وأفواههم وأسماعهم، فليس هناك أي أمل في نجاتهم لأنهم لم يعودوا يسمعون ما يُدعون إليه، وبالتالي لا يمكنهم أن يؤمنوا (أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم وأؤلئك هم الغافلون. لا جرم أنهم في الآخرة هم الخاسرون) (النحل 108-109). وهذه عينه من العدل الإلهي. فهو قد طبع على قلوبهم وأسماعهم وأبصارهم وجعلهم يوم القيامة خاسرين.
(وجعلنا على قلوبهم أكنّةً أن يفقهوه وفي آذانهم وقراً وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا) (الإسراء 46). فما هي الحكمة من محاولة محمد إقناع قومه إذا كان الله قد ختم على قلوبهم وجعلهم يهربون عند سماع القرآن؟
ولزيادة التوكيد يقول لنا (إنا جعلنا على قلوبهم أكنّة أن يفقهوه وفي آذانهم وقراً وإن تدعوهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذاً أبداً) (الكهف 57). فالله قد قرر أنهم لن يهتدوا أبداً مهما حاول رسوله. فلماذاً إذاً بعث بالرسول؟
ويخبرنا القرآن أن الله قد خلق رجالاً ونساءً، لا ليؤمنوا وإنما ليملأ بهم جهنم (ولقد ذرأنا لجهنم من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أؤلئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون) (الأعراف 179). فهؤلاء الناس لا يستطيعون أن يفعلوا إي شيء يدخلهم الجنة لأن الله قد خلقهم للنار وجعلهم كالأنعام لا يفقهون شيئاً. يقول القرطبي في تفسيره (خلق الله للنار أهلاً بعدله). ونعم العدل.
وللتأكيد يقول لنا القرآن (ولو شيئنا لأتينا كل نفس هداها ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجِنة والناس أجمعين) (السجدة 13). فلو ترك الخيار للناس ربما آمنوا لكنه كان قد أقسم أن يملأ جهنم من الناس والجن ولذلك لا بد أن يمنعهم من الإيمان برسله حتى يبر بقسمه
وعندما هاجر محمد إلى يثرب وازداد عدد المؤمنين به الذين كان الله قد قرر لهم الإيمان، لم يخفف محمد القيود المفروضة على إرادة الإنسان، فقرآن المدينة يخبرنا:
(فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم والله لا يهدي القوم الفاسقين) (الصف 5). فالذي يخطيء مرة واحدة ويتحول عن الإيمان، يزيغ الله قلبه فلا يهتدي أبداً.
(ختم الله على قلوبهم وعلى أسماعهم وعلى أبصارهم غشاوةً ولهم عذاب عظيم) (البقرة 7). فلم يكتفِ بالختم على القرشيين في مكة إنما ختم كذلك على بعض أهل يثرب وما حولها.
(ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئاً) (المائدة 41). فحتى الذين آمنوا قد يفتنهم الله فيرتدوا عن إيمانهم، ولذلك نجد موسى يحتج (قال موسى إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء) ( الأعراف 155). ففي النهاية نجد أن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء وليس مهماً أن يكون قد أرسل لهم رسلاً أم لم يرسلهم
(ما كان الله ليضل قوماً بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون) (التوبة 115). فالله في حكمته وعدله يهدي بعض الناس ثم يبين لهم ما يتقون، ثم يضلهم بعد أن عرفوا، لأنه عادل ولا يحب أن يضلهم قبل أن يعرفوا. والإنسان في كل ذلك كقطعة الشطرنج لا خيار له.
وفي تحدٍ واضح للمنطق، يقول لنا القرآن (وما أرسلنا من رسولٍ إلا بلسان قومه ليبين لهم فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وهو العزيز الحكيم) (إبراهيم 4). هل هنالك أي منطق في هذه الآية؟ ما الفائدة من إرسال رسول بلسان قومه ليشرح لهم بلغتهم رسالة السماء ليفهموها حق فهمها ثم بعد ذلك يهدي الله من يشاء ويضل من يشاء؟ أين العقل الذي يحترمه الإسلام؟
وأما الذي يتخذ قراراً غير ما قرره له الله، فسوف يندم على ذلك (وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى فأخذتهم صاعقة العذاب الهون بما كانوا يكسبون) (فصلت 17). فكيف تجرؤ ثمود على استحباب شيء غير الهدى الذي اختاره لهم الله؟ فالخيار هو ما اختاره الله فقط. ولذلك نسمع جموع المسلمين يرددون في مناسبات الموت أو الإصابة (الخيرُ في ما اختار الله).
وعندما تحدث القرآن عن بني أسرائيل وقولهم إنهم كفروا وإن قلوبهم غلف، قال القرآن إن الله هو الذي طبع الكفر في قلوبهم ولذلك لن يؤمنوا إلا قليلا (فبما نقضهم ميثاقهم وكفرهم بآيات الله وقتلهم الأنبياء بغير حق وقولهم قلوبنا غلف بل طبع الله عليها بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا) (النساء 155).
وبما أن رسول الإسلام هو أعلم بالقرآن من غيره فقد شرح الإرادة لهم في الحديث (ما منكم من أحدٍ إلا وقد عُلم مقعده من الجنة ومقعده من النار، فقال بعض الصحابة: فيم العمل يارسول الله؟ فقال: إعملوا فكلٌ ميسر لما خُلق له، إما أهل السعادة وإما أهل الشقاوة) (صحيح مسلم). فكل إنسان محكوم عليه أن يعمل ما كُتب له في اللوح المحفوظ حتى إن كان شراً مستطيراً كالكفر بالله فيصبح من أهل النار لأن الله قرر ذلك.
ثم أكد ذلك بحديث آخر (إن الله قد قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وعرشه على الماء) (صحيح مسلم). فالله قد اختار مسبقاً من منا سوف يؤمن ويدخل الجنة ومن منا سوف يكفر ويُشوى في نار جهنم.
ولكن كعادة القرآن في التناقض نجده يقول:
(وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) ( الكهف 29). فكيف لنا أن نشاء الإيمان وهو قد ختم على قلوبنا وأبصارنا وأسماعنا وقال لنا لن تشاؤوا إلا أن يشاء الله؟
(من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل إنما يضل عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً) (الإسراء 15). منتهى التناقض والاطراب.
فهل من المعقول أم يكون هناك إله عادل في السماء يقرر للناس قبل أن يخلقهم أنهم لن يؤمنوا، ثم يرسل لهم رسلاً يكلمونهم بلغتهم ليفهموا ما يريده الإله منهم، وهو كان قد قرر مسبقاً أن بعضهم لن يؤمنوا وسوف يملأ بهم جهنم؟ منطق معوج كاعوجاع ذمم رجال الدين، خاصةً المسلمين منهم. لا شك أن العقل هو الإله.

Saturday, February 13, 2010

الحمير في الجنة


قالت تعالى في محكم كتابها الكريم:

وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ (38) (الأنعام)

وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ {هود/6}

ومع أن بعض المفسرين زعموا أن الحشر معناه موتها إلى أن الأصح هو أنها تبعث يوم القيامة لتحاسب على أعمالها، ، والدليل العلمي على ذلك الآيتين الكريمتين:

وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ {التكوير /5}

وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ { ص/19}

وورد في الحديث المحمدي الشريف: قال عبد الرزاق عن معمر ، عن الأعمش ذكره عن أبي ذر ، قال

بينما نحن عند الرسول إذ انتطحت عنزان ، فقال النبي : « أتدرون فيما انتطحتا ؟ » ، قالوا : لا ندري ، قال : « لكن الله يدري وسيقضي بينهما »

قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إن "الله تعالى" ذكره (تعالى ذكرها ، تصحيح أبو لهب) أخبر أنّ كل دابة وطائر محشورٌ إليه. وجائز أن يكون معنيًّا بذلك حشر القيامة = وجائز أن يكون معنيًّا به حشر الموت = وجائز أن يكون معنيًّا به الحشران جميعًا ، ولا دلالة في ظاهر التنزيل، ولا في خبر عن النبي أيُّ ذلك المراد بقوله:"ثم إلى ربهم يحشرون" ، إذ كان"الحشر"، في كلام العرب الجمع، ومن ذلك قول الله تعالى ذكره: وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ [سورة ص: 19] ، يعني: مجموعة. فإذ كان الجمع هو"الحشر"، وكان الله تعالى ذكره جامعًا خلقه إليه يوم القيامة، وجامعهم بالموت، كان أصوبُ القول في ذلك أن يُعَمَّ بمعنى الآية ما عمه الله بظاهرها = وأن يقال: كل دابة وكل طائر محشورٌ إلى الله بعد الفناء وبعد بعث القيامة، إذ كان الله تعالى ذكره قد عم بقوله:"ثم إلى ربهم يحشرون"، ولم يخصص به حشرًا دون حشر. (من تفسير الطبري)

نستفيد إذن أن الحيوانات ستحشر وستحاسب يوم القيامة مثلها مثل البشر، وحديث الشاتان المتناطحتان لا يبقي مجالا للشك في هذا من قبل أي مؤمن بالله واليوم الآخر. ولبحث أوضاع الحيوانات في الجنة ساخصص هذا المقال، بعد الإتكال على الله سبحانها وتعالت، عن حال الحمير في الجنة. ونبدأ في الحمير لما لها من الفضل في القرآن الكريم ، فقد ذكرت في الآيات :

وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ {لقمان/19}

وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ {النحل/8}

كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَةٌ {المدثر/50} فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ {المدثر/51}

أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىَ يُحْيِي هََذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ {البقرة/259}

وقد نزلت الآية الكريمة بعد زيارة قام بها الرسول الكريم إلى زعيم المنافقين عبدالله إبن أبي إبن سلول:

وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ {الحجرات/9}

من الآيات والحديث ، يتبين أن الحمير ستشارك الآدميين المؤمنين في الجنة، ونبادر تحسبا للسؤال عن جنة خاصة للحمير، ووجه مشاركة الحمير ، وجميع الحيوانات الصالحة، للإنس والجن في الجنة، بأن القرآن يصرح بأن عرضها عرض السموات والأرض، ولهذا لن يكون هناك متسع لجنة من كل جنس. كما أن وضع الحمير في داخل سياج خاص يعزلها عن الأدميين يتعارض مع حرية الحركة في الجنة ، وهي من الحريات الأساسية المقررة بميثاق الأمم المتحدة. النتيجة التي لا يمكن الهرب منها هي أن الحمير ستشارك المؤمنين في الجنة ، وإن صح اجتهادنا (لنا أجران إن أصبنا وأجر واحد إن أخطأنا) فلنا أن نتأمل كيف سيكون حال تلك البهائم.

لا شك أن الله سبحانها وتعالت ستغير صوت الحمير من أنكرها إلى أجملها، وسيكون هذا جزاء لجنس الحمير على ابتلائه بأنكر صوت على الأرض، ولهذا أتوقع أن الحمير ستنهق في الجنة بصوت مثل صوت الفنان وديع الصافي للذكور وصوت فيروز للإناث. ومن المتوقع أن تقام حفلات ساهرة على ضفاف جيحون يحج لها الإنس والجن والحيوانات لسماع نهيق الحمير الجناوي. حيث ستنهق الحمير على أنغام الربابة البدوية – ستكون آلة العزف الوحيدة بسبب الإشكال الذي يسببه حافر الحمار – وستدبك دبكة الرفسة المشهورة.

الأمر الآخر الذي لا مفر من استنتاجه هو أن ذكور الحمير ستكافئ حسب قوانين العدالة في الجنة ، بإثنين وسبعين حمارة- حورية أو حمحورية كما يسمين في الجنة، تماما كمكافئة الإنس والجن. ولأن الجنة أرض العفاف، فسيمنح كل حمار قصرا فارها له إثنين وسبعين زريبة (غير زرائب الإستقبال) وسيكون في كل زريبة إثنين وسبعين مذودا من العاج المطعم اللؤلؤ والمرجان ، كي يمارس فيها صاحبها أصناف الوطأ والضراب في حمحورياته الإثنين والسبعين بمعزل عن عيون الناظرين.

من المؤكد أيضا أن الله ستخلع الخلع السندسية والإستبرقية الساترة للحمير ، وذلك لتغطية ذكورهم الطويلة المديدة، ومع أن هذا سيكون إجحافا وظلما من وجهة نظر الحمحوريات ، إلا أنه سيكون إجراء أمنيا ضروريا خوفا من تراها حورعين رجال المسلمين فينشزن عن رجالهن حسدا وغيرة. والأغلب أن تكون هذه الخلع على شكل ثوب طويل ، وليس بنطلون، لتمكن الحمار من الجري خلف حمحورياته أثناء انتصاب الذكر. ولأن كل شئ في الجنة أكبر وأقوى وأغلظ، فهناك اختلاف بين العلماء إن كانت الله ستطيل ذكور الحمير. والإشكال في هذا أنه من المعروف أن أي تطويل لذكور الحمير سيوصلها للأرض مما سيعرقل حامليها من البرطعة في حقول البرسيم الفاخر خلف حمحورياتهم. ومن ناحية أخرى، فستعلق إعلانات كبيرة وبحروف واضحة تمنع الرفس في الجنة ، وذلك تحسبا واحتياطا من غيرة الحمارات الدنيوية من الحمحوريات الجناوية.

ومن النعم الأخرى التي ستحظى بها الحمير في الجنة، مذكرها ومؤنثها، أنها ستحذى بحذوات من الدر والياقوت ، وستثبت في حوافرها بمسامير من الألماس ، وأنها ستمنح ألجمة من السندس المقوى ، وأرسنة من سلاسل الذهب والبلاتين.

ومن الأمور المهمة التي تثبت أن الله "ما خلقت هذا عبثا" ، أن الحمير ستمنح القدرة على الكلام باللغة العربية الفصحى ، وأنها ، مع الحيوانات الأخرى ، ستكون جيرانا وأصدقاء للإنس والجن في قصورهم ، ومن المشاهد المتوقعة بشكل إعتيادي ، أن يقبل الإنسي أو الجني عرض جاره الحمار بالركوب ، دون مهانة أو استغلال، وأن تراهما، الراكب والمركوب، ذاهبين للفسحة والبصبصة على ضفاف النيل العظيم ، وهما، أي الراكب والمركوب ، يتجاذبا أطراف الحديث حول آخر أخبار النار (أخبار الجنة ستكون مملة ولن تزيد عن أخبار الوطأ والنكاح).

Wednesday, February 3, 2010

القرآن والحياة العاقلة على الكواكب الأخرى

في عصر عولمة الثقافة اللذي نعيشه ، لا بد أن يكون أي نص ديني يدعي خضوع الكون بأجمعه لقوانينه وتشريعه نصا نظريا مجردا . وأي خروج عن التجرد النظري البحت سيوقع هذا النص في إشكالات ستنسف شرعيته من الأساس. ويمثل غياب التجردالغالب على القرآن ، وخصوصيته العربية ، أهم نقاط ضعفه. ومع أن المؤمنين بالقرآن يردوا بأن رسالة الله للبشرية كانت يجب أن تنزل لشعب ما ، وبلغة ذلك الشعب وعلى أرضه ، إلا أن القدسية المتشددة التي يلصقها المسلمون، ضرورة كما يعتقدون ، بالنص القرآني ، ووجوب التزام الشعوب الأخرى بتلاوة القرآن العربي، وأداء الطقوس الإسلامية باللغة العربية ، والإتجاه نحو أرض العرب، والحج إلى الكعبة الواقعة في أرض العرب ، تتناقض تناقضا تاما مع أي قول بكونية القرآن. وقد أدى التشدد الصارم في اعتبار أن القرآن كلمات الله عينها إلى جعله غريبا وعصيا على معظم المسلمين المعاصرين من أتباعه وحتى العرب منهم. والسبب الأساسي في هذا الإستعصاء والغرابة أن القرآن قد تجمد بخصوصية فريدة لعرب الجزيرة في القرنين السادس والسابع الميلاديين.

فموضوع خصوصية القرآن لا يقف عند حدود اللغة والأرض والشعب حامل الرسالة ، ولكنه يتعدى هذه الأمور إلى أمور تم تنظيرها وتجريدها ، بحدود متفاوتة ، في الكثير من الأديان الأخرى. فمثلا تكتفي الديانة المسيحية بالقول أن الحياة بعد الموت "تكون في صحبة الله" ، بينما يقوم نظام المكافائات للمؤمنين والعقوبات للمخالفين في الإسلام على أسس أرضية مادية مستقاة إلى حد كبير من بيئة عرب القرنين السادس والسابع الميلاديين الطبيعية والفكرية والمعاشية ، كالمكافئة بالنشاط الجنسي المستمر مع النساء والحور العين ، والجنان ذات الظلال والأنهار والطعام والشراب ، والعقوبة للكافرين بالتعذيب بالنار والتجويع.

وقد احتلت مسألة خصوصية النص القرآني مساحة واسعة من النقد الموجه للقرآن والإسلام ، وما يلي أمثلة على هذا النقد:

1- يتناقض نزول القرآن باللغة العربية مع مقولة عموم الرسالة للشعوب المتكلمة بلغات أخرى وإجبار هذه الشعوب على القيام بمناسكها باللغة العربية ، مما يؤدي إلى علاقة الفرد بالله عن طريق كلام لا يفقه معانية.

2- نزول القرآن في الزمان والمكان الذين نزل فيهما يتعارض مع العدالة للشعوب التي فصلت عن الرسالة زمنا ومكانا. أي كيف ستحاسب الشعوب التي لم يصلها القرآن إما لإندثارها قبل نزوله ، وإما لعدم وصول الرسالة إليها بسبب الفواصل الجغرافية.

3- تحديد الأماكن المقدسة في الإسلام بأمكنة في جزيرة العرب يصعب الوصول إليها (وقد يستحيل ذلك لبعض الأفراد أو الجماعات المسلمة).

4- تحديد مواعيد الصلاة والصوم تبعا لموقع الجزيرة العربية الجغرافي. وتشتد خطورة هذه النقطة فيما يتعلق بصوم شهر رمضان كلما بعد موقع المسلمين الجغرافي شمالا أو جنوبا.

وبدلا من الإعتراف بهذه الحقيقة ، قام المؤمنون بالقرآن على مر العصور ، بهدر مجهود فكري تزايد مع بعد الزمن عن تاريخ "نزول" الرسالة المحدمية ، محوره نفي هذه الحقيقة واختراع شتى الفنون الفكرية لإثبات صحة القرآن وصلاحيته لكل زمان ومكان.

ونحاول في هذه المقالة أن نبحث في التناقضات التي يفرضها احتمال وجود مخلوقات عاقلة على كواكب أخرى على النص القرآني.

يوجد حاليا شبه أجماع في الأوساط العلمية على احتمالية وجود كائنات عاقلة تساوينا أو تفوقنا ذكاءا على كواكب في أجزاء أخرى من كوننا الفسيح. ويتصاعد عدد هذه الكواكب إلى أرقام خيالية إن تم إثبات النظريات القائلة بتعدد الأكوان. وحتى لا نطيل في كيفية حساب هذه الإحتمالات ، نقول باختصار أنها مبنية على الحقائق العلمية التي اكتشفها علم الفلك بعدم خصوصية الأرض أو خصوصية النجم الذي تدور حوله (الشمس) ، وخضوع الكون بمجمله لنفس القوانين الفيزيائية والكيميائية السائدة على كوكبنا. وللتفصيل نرجع القارئ اللاديني إلى مقالات كارل ساغان وأمثاله من العلماء الطبيعيين ، أما الإخوة من المسلمين فيكفي أن نشير إلى أن الإعجازيين المسلمين المعاصرين يتفاخرون أن الآية القرآنية:

وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِن دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاء قَدِيرٌ {الشورى/29}

كانت قد سبقت "العلم الحديث" بالكلام عن وجود الحياة في الكواكب الأخرى بأربعة عشر قرنا. ومع أننا نسجل رفضنا للتفسير التعسفي لهذه "الآية" فإننا سنقبل في هذا المقال التفسير الإعجازي لها وذلك حتى ندخل تواً في بحث التناقض مع القرآن الذي سينتجه وجود كائنات حية ذكية على أعداد كبيرة من الكواكب.

وللدخول في هذا الموضوع نبدأ من المقولة الإسلامية أن الله كامل العدالة ، وأن هذه العدالة تستوجبه أن يعامل كل مخلوقاته بالمساواة الكاملة ، وأن هذه المساوة تلزمه إرسال الرسل لهداية هذه المخلوقات العاقلة إلى حقيقة وجوده وإلى دعوتها لعبادته ، تماما كما فعل مع أهل الأرض. وبكلمات أخرى فإن وجود الإدراك والذكاء في هذه المخلوقات، يفرض أن تكون مكلفة بالعبادات والفرائض. بالمقابل، فإن هذه المخلوقات الذكية ستتسائل ذاتيا، تماما كما يحدث مع البشر على الأرض، عن خالق هذا الكون وعن معنى الحياة والقصد منها ومنتهاها ، ولهذا فإن الدين والفلسفة ستكون من ناتج سعيها في عوالمها، ونتيجة لذلك فإنه لا بد أن يخرج منها أفراد يدعون المقدرة على الأجابة على هذه الأسئلة ومن المحتمل أيضا أن يدعوا النبوة كما حدث عندنا في الأرض. بالإضافة إلى ذلك ، فإن فرضية أن هذه الكواكب تشبه الأرض تحتم أن يكون فيها تنافس وصراع على موارد العيش مما سيؤدي إلى وجود الظالم والمظلوم والبحث عن العدالة المثالية التي لا تتوفر إلا بفرضية الحياة بعد الموت. كما أن ظاهرة الموت ستشكل نفس الإشكال الفكري والعاطفي الذي نحياه يوميا على الأرض.

والقرآن بالنسبة للمؤمنين به هو كلام الله ، وللتأكيد على هذا المعنى نقول أنه عندهم ذات الكلام الذي "تفوه" به الله وأنزله عن طريق جبريل إلى نبيه محمد إبن عبد الله الذي بدوره أوصله لنا منزها عن الأخطاء . فالقرآن ، وعلى سبيل المثال، يختلف عن الإنجيل الذي يعد من غالبية المؤمنين به أنه رواية قصة المسيح كما رآها أو فهمها حواريه والقرآن عند المسلمين أزلي (على الأقل بعد سقوط مقولة خلق القرآن التي قال بها المعتزلة) وهو بالتالي نافذ الحكم وهو الحق المطلق في "كل زمان وفي كل الوجود" وفي كل الأكوان (إن حقا وجدت). وهذا يعني أنه يجب أن يكون صالحا في جميع أطراف الكون وفي جميع دهوره مثله مثل قوانين الفيزياء والكيمياء والقوانين الطبيعية الأخرى. وأي انتقاص في صحته وأحقيته سيكون انتقاصا من ذات الله ووحدانيته.

وتناقض وجود هذه "المخلوقات" الذكية مع مقولة أزلية القرآن وصلاحيته المطلقة في كل مكان وزمان ينتج عدد من الإشكالات ندرج فيما يلي بعضا منها:

اللغة: لأن القرآن "نزل" بلغة العرب فلا بد أن يتواجد على كل كوكب تعيش عليه كائنات حية ذكية شعب أو قبيلة تتكلم اللغة العربية "بالفطرة" وتفهمها بتطابق تام مع لغة جزيرة العرب السائدة في القرن السادس والسابع الميلاديين.

المشاكل الفنية و الزمنية: لو سلمنا أن الحياة الذكية لن تنتج إلا على كواكب شبيهة بالأرض من ناحية تواجد الظروف للحياة والمشابه لنفس الظروف على الأرض من نواحي الحجم والبعد عن شمسها (أي حرارتها) وتكوينها الكيميائي والفيزيائي، فإن هذا لن يزيل احتمالات وجواد أختلافات كبيرة أخرى مثل دوران هذا الكوكب حول نظام نجمي ثنائي (binary star system) أو أكثر من شمس واحدة بشكل عام. واختلافات تتعلق بمدة دورته حول شمسه (شموسه) وميلان محور دورانه حول نفسه ، وطول يومه ، وعدد أقماره ، وبيئة النجوم المحيطة به. هذه الإحتمالات تستوجب تغييرات لغوية أساسية في الآيات القرآنية كما نعرفها على الأرض.

وعلى سبيل المثال نعرض التغيرات التي يجب أن تحدث لبعض الآيات القرآنية التي تذكر الشمس في حال دوران هذا الكوكب حول نظام نجمي ثنائي ، وسنفترض أن لهذا الكوكب قمر واحد على الأقل وذلك لضرورة القمر في تثبيت محور دوران الكوكب المشابه للأرض.

1- فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ {ق/39}

تصبح:

فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمسين وقبل غروبهما، أو قبل طلوع الشمس الأولى وغروب الثانية ، أو قبل طلوع الشمس الثانية وغروب الأولى.

2- الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ {الرحمن/5}

تصبح:

الشمسين والقمر يحسبون (إن كان هناك قمر واحد)

والشمسين والقمرين يحسبون (إن كان هناك قمرين)

والشمسين والأقمار يحسبون (إن كان هناك ثلاثة أقمار أو أكثر).

3- وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا {نوح/16}

تصبح:

وجعل القمر (القمرين أو الأقمار حسب عدد الأقمار التابعة لذلك الكوكب) فيهن نورا وجعل الشمسين سراجين

4- وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ {القيامة/9}

تصبح:

وجمع الشمسين والقمر أو وجمع الشمسين والقمرين أو وجمع الشمسين والأقمار

5- إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ {التكوير/1}

تصبح:

إذا الشمسين كورتا

6- حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا {الكهف/86}

تصبح:

حتى إذا بلغ مغرب الشمس الأولى وجدها تغرب في عين حمئة رقم واحد ثم حتى إذا بلغ مغرب الشمس الثانية وجدها تغرب في عين حمئة رقم إثنين. (مدار الكوكب حول النجم الثنائي أكثر تعقيدا من هذه الصورة البسيطة ولكنا هنا نضرب أمثالا فقط)

7- وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا {الشمس/1} لاحظ أن إسم السورة يجب أن يتحول ليكون سورة الشمسين

تصبح:

والشمسين وضحاهما

أما موضوع القمر فإنه أيضا يجابه القرآن بالكثير من المشاكل اللغوية والعقائدية ، فمثلا كما كتبنا أعلاه يمكن أن يكون للكوكب أكثر من قمر ، أو يمكن أن تكون دورة القمر أطول أو أقصر من دورة قمر أرضنا مما سيخلق مشاكل تتعلق بصوم شهر رمضان وعدد أيام الشهر.

هناك أيضا مشاكل تتعلق بطول سنة هذا الكوكب ، فمن الممكن أن تكون سنته أطول وتقاس بأكثر من إثني عشر دورة قمرية أو يمكن أن تكون أقصر وتقاس بأقل من إثني عشر دورة قمرية. وهذا سيتناقض مباشرة مع آية القرآن : إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ

المناخ العام للكوكب: سيتغير طقس الكوكب حسب تفاصيل مداره وبعد النجمين عنه وشكل مدارهما حول بعض. وهذا سيتعارض مع بعض الآيات مثل : رحلة الشتاء والصيف.

البيئة البيولوجية: يذكر القرآن الكثير من أنواع النباتات مثل التين والزيتون والأعناب والنخيل ، فماذا لو لم تكن موجودة على الكواكب الأخرى؟

بنية الكائن الذكي الفسيولوجية: ليس من الشرط أن تتطور الحياة الذكية بنفس الطريقة التي تطورت بها على الأرض. فليس من المستحيل أن يكون لها أربعة أيدي أو نظام عيون مختلف أو خرطوما للأكل وهذا سيتعارض مع الكثير من الآيات القرآنية التي تصف أجزاء الإنسان : أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ {البلد/8} وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ {البلد/9}

مقدرة الكائنات العقلية: بالرغم من المقولة المشهورة "أن العقل أعدل الإشياء قسمة بين الناس" فإن التفاوت الواسع في الذكاء موجود ومحسوس بين البشر وحتى بين أفراد العائلة الواحدة. ولهذا فإن القرآن الذي بين أيدينا يمكن أن يعتبر أنه يكون وجوبا قاسما مشتركا أدنى من ناحية متطلبات نصه للقدرة الذكائية لقارئه. فالإسلوب المنطقي والقصصي في القرآن يخاطب بسطاء الناس ولا يرقى بأي حال إلى الإسلوب المنطقي والفلسفي المعقد. ومن المحتمل ، بل من الأكيد أن الكائنات في الكواكب الأخرى ستتباين في درجة ذكائها ، وقد يكون هذا التباين عظيما بحيث يتوجب تنزيل كتب تخاطب الكائنات العاقلة حسب مقدرتها على الفهم والإستيعاب.

عمر النجم وفي حالة النظام الثنائي العمر الأقصر للنجم: وهذا يتعلق بموعد قيامة ذلك الكوكب ، على فرض أن الحد الاعلى لموعد القيامة هو قبيل موعد موت النجم وذلك ، وعلى سبيل المثال ، حتى لا تتلف القبور توافقا مع "الآية" ونفخ في الصور فإذا هم من الأجداث إلى ربهم يبعثون. وإن صح هذا فإنه يعني أن هناك مواعيد لأيام قيامة وليس يوم قيامة واحد. وهذا قد يعني أن بعض الكواكب بالفعل قد شهدت قيامتها وأن سكانها بعثوا ويسكنون الجنة والنار حاليا.

الأشخاص المذكورون في القرآن: هل سيكون في هذا الكوكب أبو لهب ، وأروى بنت حرب (أم جميل حمالة الحطب) ، وزيد بن حارثة ، ومحمد ، وموسى وعيسى ومريم ؟ هل سيكون هناك دولة الروم ، وذو القرنين؟ ثم ماذا عن قصة الخلق من آدم وحواء؟ هل سيكون لهذا الكوكب أدمه وحوائه؟ وقابيله وهابيله ؟ هل سيكون عليه جن وجنيات يسترقوا السمع في سماء ذلك الكوكب كما يزعم القرآن أنه يحدث عندنا.

الأماكن المذكورة في القرآن: يذكر القرآن أسماء أماكن كثيرة مثل بدر ، وحنين ، ومكة ، ويثرب، وبيت المقدس ، ومصر، وسيناء ، وبابل، وأسماء جبال مثل أحد ، وعرفة ، والطور، وأسماء مبان مثل الكعبة والمسجد الأقصى، فهل سيحوي هذا الكوكب مثل هذه الأماكن والجبال وبنفس الأسماء؟

إذن لا مناص إن أردنا أن ينطبق النص القرآني على كل الكواكب التي تحمل الكائنات الذكية في كل مكان وزمان في كل أطراف الكون أن نفرض عليها من خلال القدرة الإلهية اللامتناهية إما شروط ضعيفة ، فعلى الأقل يجب أن يكون لكل من هذه الكواكب شمس واحدة مطابقة في خصائصها لشمس الأرض ، وقمر واحد بنفس خصائص قمر الأرض ، إضافة لكل خصائص الأرض الفيزيائية العامة مثل طول السنة ، وطول مدة مدار القمر حول الأرض، ونفس ميلان محور الأرض. كما يتوجب أن يكون في كل كوكب أماكن لها نفس جميع أسماء الأماكن في القرآن ، وأسماء جميع الشخصيات الموجودة في القرآن ، وينطبق هذا على جميع الأوصاف والأحداث الغير مجردة الموجودة في القرآن مثل أن يكون هناك كائنات يطلق عليها عرب كل كوكب أسماء الجمال والحمير والبغال والهدهد والعنكبوت والنحل والنمل وقسورة. وإما شروط قوية مثل أن تكون جميع هذه الكواكب نسخة مطابقة مطابقة تامة لكل شئ على الأرض حتى على مستوى الإلكترونات والبروتونات والنيوترونات للأرض . وبكلمات الفيزايئيين سيتوجب أن تكون الدالة الكوانتية لكل الكواكب متطابقة تماما مع دالة الأرض الكوانتية.

في كلتا الحالتين سيتوجب أن يكون لكل كوكب نسخة لأبو لهبه ، ولحمالة حطبه، ولمحمده ، ولفاطمته ، ولأبو جهله ولزيده بن حارثه. كما سيتوجب ضرورة أن يكون هناك نسخة في كل كوكب لأبو بكر ، وأحده، وجزيرة العرب، ويثرب. وأن يكون جماله وبغاله وثيرانه نسخ مطابقة لما عندنا على الأرض، وهكذا إلى آخر تفاصيل طبيعة الأرض والحياة عليها والأحداث التي حدثت عليها.

هذه الشروط سشتمل أيضا أن تكون كل الشموس لهذه الكواكب متطابقة من ناحية كتلتها وعمرها.

القيود الضعيفة على الكواكب وبيئتها ستنتج أسئلة جديدة: هل سينزل القرآن تزامنيا في جميع الكواكب؟ (لتسهيل الموضوع لن نتعرض للقيود التي توجبها النظرية النسبية وسنحذوا مثال الإسلاميين بأن نكنس كل هذه المشاكل العويصة بالقدرة الإلهية) إن كان الجواب بالإيجاب فإنه يتوجب أن يكون هناك جبريل لكل كوكب لينزل القرآن تزامنيا إلى كل محمد كل في كوكبه. وإن كان هناك جبريل واحد فإن هذا سيعني أن هناك فروق في زمن نزول الرسالة.

في حالة انطباق الشروط القوية ، سيكون السؤال الأول هو ما هذا العبث من خلق آلاف من نفس النسخ المتطابقة من كل هذه الكائنات والقرآن يقول : وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ {الدخان/38}

وستطرح أسئلة أخرى مثل هل ستجتمع آلاف النسخ من نفس الشخص في الجنة ؟ كيف سيتشاركوا في حور عينهم؟

من كل هذا، هناك ثلاثة مواقف يتوجب على المسلمين إختيار أحدهما.

الأول هو التمسك بمركزية القرآن في الكون والقول بأن الحياة الذكية في الكون نشأت فقط على الأرض، وهذا يضعهم في تناقض كبير مع التوجه العام للعلم الحديث الذين يحرصوا أن يتعلقوا به بأي طريقة ممكنة.

الإحتمال الثاني هو أن يتمسك المسلمون بمركزية القرآن وأحاديته في كل الوجود مع الإعتقاد بأن عليهم مهمة تبليغه للكواكب الأخرى في الكون مهما طال الزمن. وهذا الخيار يقرب كثيرا من المستحيل إذا ما أخذنا بعين الإعتبار العوائق المادية مثل حجم الكون الهائل ومحدودية عمر الإنسان والعوائق الذاتية الإسلامية المتمثلة بفشل المسلمين في نشر دينهم في كافة الأرض.

الإحتمال الثالث بالنسبة للمؤمنين المسلمين، وأستبعد أن يقبلوا حتى التفكير به، هو أن الآيات المتعلقة بالزمان والمكان والأحداث والإنسان في القرآن غير كونية وأنها تنطبق فقط على الأرض ، وأن لكل كوكب فيه حياة ذكية قرآنه المخلوق والخاص به. وهذا يعني أننا نعود إلى موقف مشابه لموقف المعتزلة بالقول أن القرآن مخلوق ، ولكن نتعدى هذا الموقف بالقول بأن معظم القرآن الذي بين أيدينا مرحلي ومحدود بالمكان والزمان الذي نزل فيهما وأنه على المسلمين أن يفصلوا فيه بين ما هو محدود بالزمان والمكان ويجتهدوا في تطويره وتغييره ، وأن يفصلوا ما هو مطلق على مستوى الكون كالله وأن يجتهدوا في حفظ ما يتفق مع المنطق والعقل من صفاته.

نهاية يمكن طرح السؤال بطريقة معاكسة: هل يستطيع الله أن "ينزل" قرآنا كونيا صالحا لكل زمان ومكان؟

Sunday, January 31, 2010

إتقان المصوبين في تسديد صلوات المسلمين

بحث وتأليف أبو لهب

مقدمة:

تقول جلت وعلت في كتابها الكريم:

قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ {البقرة/144}

وللتأكيد الرباني على أهمية هذه القبلة تعود جل جلالها في الآيتين 149 و 150 من نفس السورة لتقول:

وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ {البقرة/149}

وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ {البقرة/150}

ومع أن بعض الحاقدين على الإسلام قد استخدموا هذا التكرار الشبه حرفي في ثلاث آيات متتالية، كدليل على المصدر البشري للقرآن وكمثال على "جهل" "محريره" في كتابة الكتب، إلا أن مركزية المسجد الحرام في الإسلام وجعله بؤرة لركنين (الصلاة والحج) من أركان الإسلام خير رد على هؤلاء المغرضين. وقد ورد ذكر المسجد الحرام في ثلاثة عشر آية كريمة، منها الآيات الثلاث أعلاه ومنها ما يسمح للقتال وسفك الدماء فيه ، مخالفة وفضحا لتعنت وتخاذل الجاهليين من قريش عن إراقة الدماء فيه، ومنها ما يتعلق بالحج. ومع أن الرقم ثلاثة عشر لا يقسم رقم تسعة عشر، إلا أنه أيضا من الأرقام الصماء، ولا شك أن الأبحاث الرياضية من الإعجازيين الرقميين المسلمين، وفقتهم الله، ستكشف الكثير من الأسرار العلمية المعجزة الكامنة خلف استخدام هذا الرقم.

بعد أن تأملت في هذه الآيات الكريمة وتدبرتها من مختلف الإتجاهات، تجلى لي بوضوح، السبب الرئيسي والأساسي في تخلف المسلمين الشامل والذي نعيشه في هذا العصر. واتضح لي أن سبب التخلف ناتج عن أن الصلوات التي يؤديها ملايين من المسلمين كل يوم، تضيع هباء منثورا في الفضاء الخارجي،وذلك ببساطة لأن الغالبية العظمى منهم لا يولون وجوهم شطر المسجد الحرام كما أمرتنا الله سبحانها وتعالت في الآيات الكريمة المذكورة أعلاه. شكل 1 رسم توضيحي يثبت ما أعنيه في هذه الكلمات.

شكل 1: تولية الوجه شطر المسجد الحرام يجب أن يأخذ بالإعتبار كروية الأرض. وجود المصلي خارج المنطقة المحيطة بمكة يغير اتجاه مسار الصلاة ويجعلها تتبدد هباء في الفضاء الخارجي كما يتضح من الرسمات للمصلي الواقع على بعد تسعين درجة أو المصلي الواقع على بعد مائة وثمانين درجة من مكة المكرمة.

لاحظ من شكل1 أن تولية الوجه شطر المسجد الحرام متاحة فقط في المحيط الضيق حول مكة وأنه كلما بعدت المسافة، فكلما زاد تأثير تحدب الأرض الكروي ، وزاد الخطأ في تصويب الصلاة نحو الكعبة، مركز المسجد الحرام، وبيت الله العتيق. فمثلا، لو كان المصلي متواجدا على بعد تسعين درجة من الكعبة، وهي كما هو معروف مركز الأرض، لانحرفت صلاته بتسعين درجة عن الإتجاه المطلوب ولتبددت هباء في الفضاء الخارجي. وقد قمت بحسابات كثيرة أشارت إلى أن هذه النتيجة صحيحة حتى في بلاد قريبة من المسجد الحرام مثل اليمن والأردن والشام، والشكل رسم بهذه الطريقة لتوضيح أثر كروية الأرض عن طريق وضع شكل المصلي على بعد تسعين درجة ومائة وثمانين درجة من المسجد الحرام في مكة.

والسؤال الذي يطرح نفسه، ويجبرنا لمحاولة الوقوع على أجابته في الحال هو: وهل كانت الله لا تعلم أن الأرض كروية عندما أوحت بالآيات الكريمة؟ وللإجابة على ذلك لا بد من تدبر الآيات المتعلقة بشكل الأرض كما يوحيها الله لنا بإعجاز مبهر.

يقول جل وعلا:

أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ {الغاشية/17} وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ {الغاشية/18} وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ {الغاشية/19} وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ {الغاشية/20}

يتضح الآن من مساق الحديث أن تفسير هذه الآية الكريمة يتعلق بالطبيعة المحلية لمكة والأرض المحيطة بها. "فالأرض سطحت" تعنينا هنا أنه يمكن بنسبة تتناسب مع حجم بيئة جزيرة العرب أن نعتبر الأرض هناك مسطحة وأنه يمكن الصلاة بالإتجاه نحو الكعبة مباشرة وذكر ارتفاع السماء هنا يتعلق بأن الصلوات لها مجال معين في دقة إصابة هدفها، فوق الكعبة، حتى لو ارتفعت عنها قليلا، أما ذكر الجبال هنا فهو ذكر إعجازي هام ويتطرق إلى أنه بإمكان الصلوات أن تخترق حواجز الجبال المحيطة بمكة. وهذا طبعا في غاية الأهمية والخطورة لبحثنا هذا، لأنه يشير إلى أن طبيعة الصلوات طبيعة أثيرية تمكنها من اختراق الحواجز المادية من صخور ومياه وكل ما وجد في طبقات الأرض السبعة، وأنه لا يوجد حد أقصى لما يمكنها أن تخترقه. وهذه الحقيقة العلمية تتفق مع التفكير العقلي المنطقي بأن طبيعة الصلاة ليست مادية فليس لها كتلة تجعلها تتصرف كقذائف المدفعية أو الصواريخ البلاستيكية التي ينحني مدارها بتأثير الجاذبية الأرضية، كما يعتقد المصلون الذين يظنون أن تصويب صلواتهم نحو مكة سيتبع طبيعة الأرض الكروية لإيصال إلى هدفها في المسجد الحرام.

أما الآيات التي تتعلق بكروية الأرض فنجدها في قوله تعالى:

أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاء بَنَاهَا {النازعات/27} رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا {النازعات/28} وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا {النازعات/29} وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا {النازعات/30} أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءهَا وَمَرْعَاهَا {النازعات/31} وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا {النازعات/32}

ومع أن دحاها فهمت في السابق من كبار اللغويين العرب على أنها تعني البسط والتسطيح، إلا أن الأكتشافات العلمية الحديثة وإثبات كروية الأرض، أثبتت خطأ هؤلاء اللغويين وأن معنى كلمة دحاها هو التكوير وأن الله سبحانها وتعالى كانت تعني أن الأرض كروية، ولقطع الطريق على الشك وتعميم اليقين استخدمت هذه الكلمة لتشير إلى أن شكل الأرض إهليلجي وليس كرويا كما تم اكتشاف هذا حديثا. أما ذكر كروية الأرض بشكل مباشر فنجده في محكم الآية التالية:

خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ {الزمر/5}

فكلمة التكوير هنا تقطع المجال أمام كل شكاك بأن الأرض كروية وبأن تولية الوجه شطر المسجد الحرام أثناء الصلاة يجب أن تتخذ هذه الحقيقة الكونية والجغرافية بعين الحسبان.

تثبيت إتجاهات الصلاة حسب أضاعها المختلفة وفي مواقع مختلفة من الأرض :

لتثبيت اتجاه الصلاة بشكل علمي، لا بد من الإستدلال عليه من الحركات المختلفة للمصلي. شكل 2 يوضح اتجاه الصلاة في مختلف مراحلها. ففي عملية الوقوف، يجب أن يكون وجه المصلي مواجه تماما للكعبة وعليه فإن الإتجاه يحدد بالسهم العمودي المنبعث من الوجه. الحركات التالية من ركوع وسجود وجلوس تتبع من هذا الإتجاه الأولي. ولهذا فإن اتجاه الصلاة أثناء الركوع يكون باتجاه سهم عمودي على أعلى الرأس، وفي السجود يحدد الإتجاه بسهم مواز للجسم ينطلق من بين منتصف القدمين، إلى ما بين الكوعين، ثم ينطلق من تحت الأنف نحو الكعبة. وشبه ذلك في وضع الجلوس كما يرد في شكل 2.

شكل 2: تحديد اتجاه الصلاة من تولية الوجه نحو المسجد الحرام ومن الأوضاع المختلفة لحركات الصلاة الأربعة.

ونحن أن طبقنا هذه الأتجاهات على مصلين متواجدين على بعد تسعين درجة ومائة وثمانين درجة من مكة المكرمة لتوصلنا إلى الأتجاهات الصحيحة كما في الأشكال التالية:

شكل3: الوضع الصحيح الذي يجب أن يتخذه المصلي أثناء الوقوف ليتمكن من الإتجاه شطر المسجد الحرام في أماكن مختلفة من الأرض.

شكل 4: الوضع الصحيح الذي يجب أن يتخذه المصلي أثناء الركوع ليتمكن من الإتجاه شطر المسجد الحرام في أماكن مختلفة من الأرض.

شكل 5: الوضع الصحيح لجسم المصلي أثناء السجود ليتمكن من الإتجاه شطر المسجد الحرام في أماكن مختلفة من الأرض.

شكل6: الوضع الصحيح لجسم المصلي أثناء القعود ليتمكن من الإتجاه شطر المسجد الحرام في أماكن مختلفة من الأرض.

وتفكير بسيط في الأشكال 3-6 والأخذ بالإعتبار أن المصلي يشعر فوق أرضنا الكروية أنه دائما يقف ورأسه للأعلى وقدمية للأسفل، ينتج الشكل التالي لأوضاع الصلاة الصحيحة:

شكل 7:

أولا: الرسوم الثلاثة العليا: الأوضاع الصحيحة لجسم المصلي أثناء الوقوف في حال تواجده في محيط مكة (الرسم على اليسار) ، على بعد تسعين درجة من مكة (الوسط) وعلى بعد مئة وثمانين درجة من مكة (الرسم على اليمين).

ثانيا: الرسوم السفلى: تمثل الأوضاع الصحيحة لجسم المصلي أثناء الركوع في حال تواجده في محيط مكة، وعلى بعد تسعين درجة من مكة (الوسط ) وعلى بعد مائة وتمانين درجة من مكة (الرسم على اليمين). من الواضح أن المصلي على بعد مائة وثمانين درجة سيجد نفسه (نفسها) في أصعب وضع يستحيل معه الصلاة دقيقة التصويب، فمثلا في وضع الركوع، سيتوجب على المصلي أن يقف على رأسه وأن يثني ساقيه (ساقيها) بزاوية مقادرها تسعين درجة وهو عمل يستحيل حتى على أقدر الرياضيين الروس، ولكن رحمتها التي وسعت كل شئ شائت ألا يكون هناك أرض في الجهة المضادة لمكة على سطح الأرض والتي هي جزء من المحيط الهادي، وللتذكير هذه رسوم توضيحيه لتكبير أثر كروية الأرض.

شكل 8:

أولا: الرسوم الثلاثة العليا: الأوضاع الصحيحة لجسم المصلي أثناء السجود في حال تواجده في محيط مكة (الرسم على اليسار) ، على بعد تسعين درجة من مكة (الوسط) وعلى بعد مئة وثمانين درجة من مكة (الرسم على اليمين).

ثانيا: الرسوم السفلى: تمثل الأوضاع الصحيحة لجسم المصلي أثناء القعود في حال تواجده في محيط مكة، وعلى بعد تسعين درجة من مكة (الوسط ) وعلى بعد مائة وثمانين درجة من مكة (الرسم على اليمين). من الواضح أن المصلي على بعد مائة وثمانين درجة سيجد نفسه (نفسها) في أصعب وضع يستحيل معه الصلاة دقيقة التصويب، فمثلا في وضعي السجود، سيتوجب على المصلي أن يقف على رأسه وأن يضم ساقيه (ساقيها) نحو جسمه (جسمها) وواضح أن هذا عمل في غاية الصعوبة.

إتقان المصوبين لصلوات المسلمين:

بعد التفكير العميق في هذه المسألة، وفقتنا الله سبحانها وتعالت إلى الحل الصحيح، وقد بدا لي في البداية أن الحل يكمن ببساطة في وضع عاكسات صلاة في مدارات ثابتة حول الأرض Geosynchronous Orbits تمكن المصلين من توجيه وجوههم نحوها وتقوم هي بدورها بعكس الصلوات إلى المسجد الحرام في مكة. ولكن الله بحكمتها المتناهين شائت لسبب لا نعلمه أن تمنع عنا هذا الحل السهل، ويفهم ذلك من عدم توفر أي مادة عاكسة للصلاة ولهذا فإن الحل يكمن بصنع آلات ميكانيكية تساعد المسلم في توجيه صلاته عبر طبقات الأرض مباشرة نحو المسجد الحرام في مكة المكرمة. الشكلين التاليين يوضحا الأفكار التي توصلت إليها، وبداية أرجو من الأخوة والاخوات الأفاضل أن يحترموا حقوق الطبع وأعلن للجميع أني تقدمت بطلبات براءة لهذا الإختراع. شكل 9 يوضع الجهاز بشكل عام وشكل 10 يوضح وضع الركوع لمصلي يبحر في سفينة يكون موقعها على مائة وثمانين درجة من مكة المكرمة. الجهاز سيمكن المصلي من توجيه صلاته نحو مكة بدقة متناهية وسيتم ذلك عن طريق ضبط موقع المصلي فوق سطح الأرض باستخدام الأقمار الصناعية، ثم إدخال زوايا الأضاع المختلفة حسب هذا الموقع. ويسهل فهم طريقة عمل الجهاز من الرسومات ولكن شرح عمله باختصار أن يقوم المصلي بتثبيت ضمادات مريحة حول كوعيه، وإليته وبطنه وركبتيه، ثم يضع قدميه في حذاء ذو عجلات ثم تقوم المكابس الهيدروليكية بتحويل جسمه في الوضع الصحيح. يتم كل شئ في الجهاز تحت سيطرة حاسوب سريع، يعمل بأوامر صوتية من المصلي، فمثلا تتحرك المكابس والعجالات أوتوماتيكيا عندما يردد المصلي كلمات الله أكبر، فتحوله من وضع الوقوف إلى الركوع ثم السجود وهكذا، كما أن الجهاز مبرمج لتذكر عدد الركعات وأوقات الصلاة ولهذا سيكون عونا للمصلين الذين يسهون عن عدد صلواتهم، وميزة مثل هذه ستكون قيمة جدا أثناء صلوات التراويح.

شكل 9: وضع المصلي أثناء التحميل في جهاز موجه الصلاة 1 (جميع الحقوق محفوظة)، الآلة الحديثة التي اخترعت لتصويب الصلاة نحو المسجد الحرام في مكة المكرمة.

شكل 10: وضع المصلي في جهاز موجه الصلاة 1 (جميع الحقوق محفوظة)، الآلة الحديثة التي اخترعت لتصويب الصلاة نحو المسجد الحرام في مكة المكرمة.

تصويب المساجد:

لصلات الجماعة في الإسلام وضع خاص ويتميز بفوائد جمة لا يمكن إنكارها. فصلاة الجماعة تؤلف بين قلوب المسلمين، وتوحد مجتمعهم وتكرس تعارفهم، وقد استجاب المسلمون عبر القرون لهذه الأهمية عن طريق بناء المساجد الباهرة ، والتي باتت بمنائرها الشامخة الرمز الأكثر تعريفا بالحضارة الإسلامية. ولكن هذه المساجد لم تصمم لإسباب تقنية لتصويب الصلوات شطر المسجد الحرام. الشكل التالي يعطي فكرة بسيطة عن كيفية تلافي هذا الخطأ المعماري وإدخال كروية الأرض في الحسبان عند بناء المساجد الحديثة.

شكل 11: تزويد المساجد بمبكابس هيدروليكية معقولة التكلفة (مقارنة بجهاز التصويب الفردي) للتصويب الجماعي لصلوات المسلمين